فصل: المولد الكريم وبدء التوحيد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  المولد الكريم وبدء التوحيد

ثم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول لأربعين سنة من ملك كسرى أنوشروان وقيل لثماني وأربعين وثمانمائة واثنين وثمانين لذي القرنين‏.‏ وكان عبد الله أبوه غائباً بالشام وانصرف فهلك بالمدينة وولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مهلكه بأشهر قلائل وقيل غير ذلك‏.‏ فكفله جده عبد المطلب بن هاشم وكفالة الله من ورائه‏.‏ والتمس له الرضعاء واسترضع في بني سعد أبي عبد من هوازن ثم في بني نصر بن سعد أرضعته منهم حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحرث بن شحنة بن رزاح بن ناظرة بن خصفة بن قيس وكان ظئره منهم الحارث بن عبد العزى وقد مر ذكرهما في بني عامر بن صعصعة‏.‏ وكان أهله يتوسمون فيه علامات الخير والكرامات من الله ولما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شق الملكين بطنه واستخراج العلقة السوداء من قلبه وغسلهم حشاه وقلبه بالثلج ما كان‏.‏ وذلك لرابعة من مولده وهو خلف البيوت يرعى الغنم فرجع إلى البيت ممتقع اللون‏.‏ وظهرت حليمة على شأنه فخافت أن يكون أصابه شيء من اللمم فرجعته إلى أمه‏.‏ واسترابت آمنة برجعها إياه بعد حرصها على كفالته فأخبرتها الخبر فقالت‏:‏ كلا والله لست أخشى عليه‏.‏ وذكرت من دلائل كرامة الله له وبه كثيراً وأزارته أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أخوال جده عبد المطلب من بني عدي بن النجار بالمدينة وكانوا أخوالاً لها وهلك عبد المطلب لثمان سنين من ولادته وعهد به إلى ابنه أبي طالب فأحسن ولايته وكفالته وكان شأنه في رضاعه وشبابه ومرباه وأحواله عجباً‏.‏ وتولى حفظه وكلاءته من مفارقة أحوال الجاهلية وعصمته من التلبس بشيء منها حتى لقد ثبت أنه مر بعرس مع شباب قريش فلما دخل على القوم أصابه غشي النوم فما أفاق حتى طلعت الشمس وافترقوا‏.‏ ووقع له ذلك أكثر من مرة‏.‏ وحمل الحجارة مع عمه العباس لبنيان الكعبة وهما صبيان فأشار عليه العباس بحملها في إزاره فوضعه على عاتقه وحمل الحجارة فيه وانكشف فلما حملها على عاتقه سقط مغشياً عليه ثم عاد فسقط فاشتمل إزاره وحمل الحجارة كما كان يحملها‏.‏ وكانت بركاته تظهر بقومه وأهل بيته ورضعائه في شؤونهم كلها‏.‏ وحمله عمه أبو طالب إلى الشام وهو إبن ثلاث عشرة سنة وقيل ابن سبع عشرة سنة فمروا ببحيرا الراهب عند بصرى فعاين الغمامة تظلله والشجر تسجد له فدعا القوم وأخبرهم بنبوته وبكثير من شأنه في قصة مشهورة‏.‏ ثم خرج ثانية إلى الشام تاجراً بمال خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى مع غلامها ميسرة ومروا بنسطور الراهب فرأى ملكين يظلانه من الشمس فأخبر ميسرة بشأنه فأخبر بذلك خديجة فعرضت نفسها عليه‏.‏ وجاء أبو طالب فخطبها إلى أبيها فزوجه وحضر الملاء من قريش وقام أبو طالب خطيباً فقال‏:‏ الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضيء معد وعنصر مضر وجعل لنا بيتأ محجوجاً وحرماً آمناً وجعلنا أمناء بيته وسواس حرمه وجعلنا الحكام على الناس‏.‏ وإن ابن أخي محمد بن عبد لله من قد علمتم قرابته وهو لا يوزن بأحد إلا رجح به‏.‏ فإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل‏.‏ وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا وكذا وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل‏.‏ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن خمس وعشرين سنة وذلك بعد الفجار بخمس عشرة سنة‏.‏ وشهد بنيان الكعبة لخمس وثلاثين سنة من مولده حين أجمع كل قريش على هدمها وبنائها‏.‏ ولما انتهوا إلى الحجر تنازعوا أيهم يضعه وتداعوا للقتال‏.‏ وتحالف بنو عبد الدار على الموت ثم اجتمعوا وتشاوروا‏.‏ وقال أبو أمية حكموا أول من دخل من باب المسجد فتراضوا على ذلك‏.‏ ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ هذا الأمين وبذلك كانوا يسمونه فتراضوا به وحكموه‏.‏ فبسط ثوباً ووضع فيه الحجر وأعطى قريشاً طرف الثوب فرفعوه حتى أدنوه من مكانه ووضعه عليه السلام بيده وكانوا أربعة‏:‏ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى وأبو حذيفة بن المغيرة بن عمر بن مخزوم وقيس بن عدي السهمي‏.‏ ثم استمروا على أكمل الزكاء والطهارة في أخلاقه‏.‏ وكان يعرف بالأمين‏.‏ وظهرت كرامة الله فيه وكان إذا أبعد في الخلاء لا يمر بحجر ولا شجر إلا ويسلم عليه‏.‏ بدء الوحي ثم بدأ بالرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح‏.‏ ثم تحدث الناس بشأن ظهوره ونبوته ثم حببت إليه العبادة والخلوة بها فكان يتزود للانفراد حتى جاء الوحي بحراء لأربعين سنة من مولده وقيل لثلاث وأربعين‏.‏ وهي حالة يغيب فيها عن جلسائه وهو كائن معهم فأحياناً يتمثل له الملك رجلاً فيكلمه ويعي قوله وأحيانأ يلقى عليه القول ويصيبه أحوال الغيبة عن الحاضرين من الغط والعرق وتصيبه كما ورد في الصحيح من أخباره قال‏:‏ وهو أشد علي فيفصم عتي وقد وعيت ما قال‏.‏ وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول‏.‏ فأصابته تلك الحالة بغار حراء وألقى عليه‏:‏ ‏"‏ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ‏"‏‏.‏ وأخبر بذلك كما وقع في الصحيح وآمنت به خديجة وصدقته وحفظت عليه الشأن‏.‏ ثم خوطب في الصلاة وأراه جبريل طهرها‏.‏ ثم صلى به وأراه سائر أفعالها‏.‏ ثم كان شأن الإسراء من مكة إلى بيت المقدس من الأرض إلى السماء السابعة وإلى سدرة المنتهى وأوحى إليه ما أوحى‏.‏ ثم آمن به علي ابن عمه أبي الطالب وكان في كفالته من أزمة أصابت قريشاً وكفل العباس جعفراً أخاه‏.‏ فجعفر أسن عيال أبي طالب فأدركه الإسلام وهو في كفالته فآمن وكان يصلي معه في الشعاب مختفياً من أبيه حتى إذا ظهر عليهما أبو طالب دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لا أستطيع فراق ديني ودين آبائي‏!‏ ولكن لا يخلص إليك شيء تكره ما بقيت‏.‏ وقال لعلي‏:‏ الزمه‏!‏ فإنه لا يدعو إلا الخير‏.‏ فكان أول من أسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى ثم أبو بكر وعلي بن أبي طالب كما ذكرنا وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال بن حمامة مولى أبي بكر ثم عمر بن عنبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية‏.‏ ثم أسلم بعد ذلك قوم من قريش اختارهم الله لصحابته من سائر قومهم وشهد لكثير منهم بالجنة‏.‏ وكان أبو بكر محبباً سهلأ وكانت رجالات قريش تألفه فأسلم على يده من بني أمية عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ومن عشيرة بني عمرو بن كعب بن سعد بن تيم طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو ومن بني زهرة بن قصي سعد بن أبي وقاص واسمه مالك بن ومن بني أسد بن عبد العزى الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد وهو ابن صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ ثم أسلم من بني الحرث بن فهر أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحرث‏.‏ ومن بني مخزوم ابن يقظة بن مرة بن كعب أبو سلمة عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم‏.‏ ومن بني جمح ابن عمر هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وأخوه قدامة‏.‏ ومن بني عدي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد الله بن قرط بن رياح بن عدي وزوجته فاطمة أخت عمر بن الخطاب بن نفيل‏.‏ وأخوه زيد هو الذي رفض الأوثان في الجاهلية ودان بالتوحيد وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده‏.‏ ثم أسلم عمير أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة حليف بني زهرة كان يرعى غنم عقبة بن أبي معيط وكان سبب إسلامه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلب من غنمه شاةً حائلأ فعدت‏.‏ ثم أسلم جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب وامرأته أسماء بنت عميس بنت النعمان بن كعب بن ملك بن قحافة الخثعمي والسائب بن عثمان بن مظعون وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس واسمه مهشم وعامر بن فهيرة أزدي وفهيرة أمه مولاه أبي بكر‏.‏ وأفد بن عبد الله بن عبد مناف تميمي من حلفاء بني عدي‏.‏ وعمار بن ياسر عنسي من مذجح مولى لبني مخزوم وصهيب بن سنان من بني النمر بن قاسط حليف لبني جدعان‏.‏ ودخل الناس في الدين أرسالاً وفشا الإسلام وهم ينتجعون به ويذهبون إلى الشعاب فيصلون‏.‏ ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدع لأمره ويدعو إلى دينه بعد ثلاث سنين من مبدأ الوحي فصعد على الصفا ونادى‏:‏ يا صباحاه‏!‏ فاجتمعت إليه قريش‏.‏ فقال‏:‏ لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقونني قالوا‏:‏ بلي قال‏:‏ فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد‏.‏ ثم نزل قوله ‏"‏ وأنذر عشيرتك الأقربين ‏"‏‏.‏ وتردد إليه الوحي النذارة فجمع بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون على طعام صنعه لهم علي بن أبي طالب بأمره ودعاهم إلى الإسلام ورغبهم وحذرهم وسمعوا كلامه وافترقوا‏.‏ ثم إن قريشاً حين صدع وسب الآلهة وعابها نكروا ذلك منه ونابذوه واجمعوا على عداوته فقام أبو طالب دونه محامياً ومانعاً ومشت إليه رجال قريش يدعونه إلى النصفة‏:‏ عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس وأبو البختري بن هشام بن الحرب بن أسد بن عبد العزى والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة ابن أخي الوليد والعاص بن وائل بن هشام بن سعد بن سهم ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة‏.‏ فكلموا أبا طالب وعادوه فردهم رداً جميلاً‏.‏ ثم عادوا إليه وسألوه النصفة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته بمحضرهم وعرضوا عليه قولهم فتلا عليهم القرآن وأيأسهم من نفسه وقال لأبي طالب‏:‏ يا عماه لا أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه‏.‏ واستعبر وظن أن أبا طالب بدا له فيه مجاف فرق له أبو طالب وقال‏:‏ يا ابن أخي‏!‏ قل ما أحببت فو الله لا أسلمك أبداً‏.‏ هجرة الحبشة ثم افترق أمر قريش وتعاهد بنو هاشم وبنو المطلب مع أبي طالب على القيام دون النبي صلى الله عليه وسلم ووثب كل قبيلة على من أسلم منهم يعذبونهم ويفتنونهم واشتد عليهم العذاب فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى أرض الحبشة فراراً بدينهم وكان قريش يتعاهدونها بالتجارة فيحمدونها‏.‏ فخرج عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة مراغماً لأبيه وامرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو بن عامر بن لؤي والزبير بن العوام ومصعب بن عمير بن عبد شمس وأبو سبرة بن أبي هاشم بن عبد العزى العامري من بني عامر بن لؤي وسهيل بن بيضاء من بني الحرث بن فهر وعبد الله بن مسعود وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي وهو من عنز بن وائل ليس من عنزة وامرأته ليلى بنت أبي خيثمة‏.‏ فهؤلاء الأحد عشر رجلاً كانوا أول من هاجر إلى أرض الحبشة وتتابع المسلمون من بعد ذلك‏.‏ ولحق بهم جعفر بن أبي طالب وغيره من المسلمين‏.‏ وخرجت قريش في آثار الأولين إلى البحر فلم يدركوهم وقدموا إلى أرض الحبشة فكانوا بها وتتابع المسلمون في اللحاق بهم‏.‏ يقال‏:‏ إن المهاجرين إلى أرض الحبشة بلغوا ثلاثة وثمانين رجلا‏.‏ فلما رأت قريش النبي صلى الله عليه وسلم قد امتنع بعمه وعشيرته وأنهم لا يسلمونه طفقوا يرمونه عند الناس ممن يفد على مكة بالسحر والكهونة والجنون والشعر يرومون بذلك صدهم عن الدخول في دينه‏.‏ ثم انتدب جماعة منهم لمجاهرته صلى الله عليه وسلم بالعداوة والأذى منهم عمه أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب أحد المستهزئين وابن عمه أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة وعقبة بن أبي معيط أحد المستهزئين وأبو سفيان من المستهزئين والحكم بن أبي العاص بن أمية من المستهزئين أيضاً‏.‏ والنضر بن الحرث من بني عبد الدار والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى من المستهزئين وابنه زمعة وأبو البختري العاص بن هشام والأسود بن عبد يغوث وأبو جهل بن هشام وأخوهما العاص وعمهما الوليد وابن عمهم قيس بن الفاكه بن المغيرة وزهير بن أبي أمية بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي وابنا عمه نبيه ومنبه ابنا الحجاج وأمية وأبي ابنا خلف بن جمح‏.‏ وأقاموا يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويتعرضون له بالاستهزاء والإذاية حتى لقد كان بعضهم ينال منه بيده‏.‏ وبلغ عمه حمزة يومأ أن أبا جهل بن هشام تعرض له يوما بمثل ذلك وكان قوي الشكيمة‏.‏ فلم يلبث أن جاء إلى المسجد وأبو جهل في نادي قريش حتى وقف على رأسه وضربه وشجه وقال له‏:‏ تشتم محمداً وأنا على دينه وثار رجال بني مخزوم إليه فصدهم أبو جهل وقال‏:‏ دعوه فإني سببت ابن أخيه سباً قبيحاً‏.‏ ومضى حمزة على إسلامه وعلمت قريش أن جانب المسلمين قد اعتز بحمزة فكفوا بعض الشر بمكانه فيهم‏.‏ ثم اجتمعوا وبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليسلم إليهم من هاجر إلى أرضه من المسلمين فنكر النجاشي رسالتهما وردهما مقبوحين‏.‏ ثم أسلم عمر بن الخطاب وكان سببه إسلامه أنه بلغه أن أخته فاطمة أسلمت مع زوجها سعيد ابن عمه زيد وان خباب بن الأرت عندهما يعلمهما القرآن فجاء إليهما منكرأ وضرب أخته فشجها فلما رأت الدم قالت‏:‏ قد أسلمنا وتابعنا محمداً فافعل ما بدا لك‏!‏ وخرج إليه خباب من بعض زوايا البيت فذكره ووعظه وحضرته الانابة فقال له‏:‏ اقرأ علي من هذا القرآن‏!‏ فقرأ من سورة طه وأدركته الخشية فقال له‏:‏ كيف تصنعون إذا أردتم الإسلام‏.‏ فقالوا له‏:‏ وأروه الطهور ثم سأل عن مكان النبي صلى الله عليه وسلم فدل عليه فطرقهم في مكانهم وخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ مالك يا ابن الخطاب فقال‏:‏ يا رسول الله‏!‏ جئت مسلماً‏!‏ ثم تشهد شهادة الحق ودعاهم إلى الصلاة عند الكعبة فخرجوا وصلوا هنالك واعتز المسلمون بإسلامه‏.‏ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه‏:‏ اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين يعنيه أو أبا جهل‏.‏ فلما رأت قريش فشو الإسلام وظهوره أهمهم ذلك فاجتمعوا وتعاهدوا على بني هاشم وبني المطلب الا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في الكعبة‏.‏ وانحاز بنو هاشم وبنو المطلب كلهم كافرهم ومؤمنهم فصاروا في شعب أبي طالب محصورين متجنبين حاشا أبي لهب فإنه كان مع قريش على قومهم‏.‏ فبقوا كذلك ثلاث سنين لا يصل إليهم شيء ممن أرادوا صلتهم إلا سراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل على شأنه من الدعاء إلى الله والوحي عليه متتابع إلى أن قام في نقض الصحيفة رجال من قريش كان أحسنهم في ذلك أثراً هشام بن عمرو بن الحرث من بني حسن بن عامر بن لؤي لقي زهير بن أبي أمية بن المغيرة وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فعيره بإسلامه أخواله إلى ما هم فيه فأجاب إلى نقض الصحيفة‏.‏ ثم مضى إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وذكر رحم هاشم والمطلب ثم إلى أبي البختري بن هشام وزمعة بن الأسود فأجابوا كلهم وقاموا في نقض الصحيفة‏.‏ وقد بلغهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحيفة أكلت الأرضة كتابتها كلها حاشا أسماء الله‏.‏ فقاموا بأجمعهم فوجدوها كما قال فخروا ونقض حكمها‏.‏ ثم أجمع أبو بكر الهجرة وخرج لذلك فلقيه ابن الدغينة فرده‏.‏ ثم اتصل بالمهاجرين في أرض الحبشة خبر كاذب بأن قريشاً قد أسلموا فرجع قوم منهم إلى مكة‏:‏ منهم عثمان بن عفان وزوجته وأبو حذيفة وامرأته وعبد الله بن عتبة بن غزوان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف ومصعب بن عمير وأخوه والمقداد بن عمر وعبد الله بن مسعود وأبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم المؤمنين وسلمة بن هشام بن المغيرة وعمار بن ياسر وبنو مظعون‏:‏ عبد الله وقدامة وعثمان وابنه السائب وخنيس بن حذافة وهشام بن العاص وعامر بن ربيعة وامرأته وعبد الله بن مخرمة من بني عامر بن لؤي وعبد الله بن سهل بن السكران بن عمرو وسعد بن خولة وأبو عبيدة بن الجراح وسهيل بن بيضاء وعمرو بن أبي سرح فوجدوا المسلمين بمكة على ما كانوا عليه مع قريش من الصبر على أذاهم ودخلوا إلى مكة بعضهم مختفياً وبعضهم بالجوار وأقاموا إلى أن كانت الهجرة إلى المدينة بعد أن مات بعضهم بمكة‏.‏ الأذى والاستهزاء ثم هلك أبو طالب وخديجة وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين فعظمت المصيبة وأقدم عليه سفهاء قريش بالإذاية والاستهزاء وإلقاء القاذورات في مصلاه فخرج إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام والنصرة والمعونة‏.‏ وجلس إلى عبد ياليل بن عمر بن عمير وأخويه مسعود وحبيب وهم يومئذ سادات ثقيف وأشرافهم وكلمهم فأساءوا الرد ويئس منهم فأوصاهم بالكتمان فلم يقبلوا وأغروا به سفهاءهم فاتبعوه حتى ألجأوه إلى حائط عتبة وشيبة ابني ربيعة فأوى إلى ظله حتى اطمأن ثم رفع طرفه إلى السماء يدعو‏:‏ اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين‏.‏ أنت رب المستضعفين أنت ربي إلى من تكلني‏!‏ إلى بغيض يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري‏.‏ إن لم يكن بها علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي‏.‏ أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك‏.‏ ولما انصرف من الطائف إلى مكة بات بنخلة وقام يصلي من جوف الليل فمر به نفر من الجن سمعوا القرآن ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة في جوار المطعم بن عدي بن نوفل بعد أن عرض ذلك على غيره من رؤساء قريش فاعتذروا بما قبله منهم‏.‏ ثم قدم عليه الطفيل بن عمرو الدوسي فأسلم ودعا قومه فأسلم بعضهم ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له علامة للهداية فجعل لوجهه نوراً ثم دعا له فنقله إلى سوطه وكان يعرف بذي النور‏.‏ الإسراء قال ابن حزم‏:‏ ثم كان الاسراء إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات ولقي من لقي من الأنبياء ورأى جنة المأوى وسدرة المنتهى في السماء السادسة وفرضت الصلاة في تلك الليلة‏.‏ وعند الطبري‏:‏ الاسراء وفرض الصلاة كان أول الوحي‏.‏ ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على وفود العرب في الموسم يأتيهم في منازلهم ليعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إلى نصرة ويتلو عليهم القرآن‏.‏ وقريش مع ذلك يتعرضون لهم بالمقابح إن يقبلوا منهم وأكثرهم في ذلك أبو لهب‏.‏ وكان من الذين عرض عليهم في الموسم بنو عامر بن صعصعة بن مضر وبنو شيبان وبنو حنيفة من ربيعة وكندة من قحطان وكلب من قضاعة وغيرهم من قبائل العرب‏.‏ فكان منهم من يحسن الاستماع والعذر ومنهم من يعرض ويصرح بالإذاية ومنهم من يشترط الملك الذي ليس هو من سبيله‏.‏ فيرد صلى الله عليه وسلم الأمر إلى الله ولم يكن فيهم أقبح رداً من بني حنيفة وقد ذخر الله الخير في ذلك كله للأنصار‏.‏ فقدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف بن الأوس فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم يبعد ولم يجب وانصرف إلى المدينة فقتل في بعض حروبهم وذلك قبل بعاث‏.‏ ثم قدم بمكة أبو الحيسر أنس بن رافع في فتية من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فقال إياس بن معاذ منهم وكان شاباً حدثأ‏:‏ هذا والله خير مما جئنا له‏!‏ فانتهره أبو الحيسر فسكت‏.‏ ثم انصرفوا إلى بلادهم ولم يتم لهم الحلف ومات إياس فيقال انه مات مسلماً‏.‏ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر من الخزرج وهم‏:‏ أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وعوف بن الحرث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم وهو ابن عفراء ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زيد بن مالك بن غضبة بن جشم بن الخزرج وطبقة بن عامر بن حيدرة بن عمر بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن مراد بن يزيد بن جشم وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن خزام بن كعب بن غنم بن سلمة وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سلمة بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وكان من صنع الله لهم أن اليهود جيرانهم كانوا يقولون‏:‏ إن نبياً يبعث وقد أظل زمانه فقال بعضهم لبعض‏:‏ هذا والله النبي الذي تحدثكم به اليهود فلا يسبقونا إليه‏.‏ فآمنوا وأسلموا وقالوا إنا قد قدمنا بينهم حروباً فننصرف وندعوهم إلى ما دعوتنا إليه‏!‏ فعسى الله أن يجمع كلمتهم بك فلا يكون أحد أعز منك فانصرفوا إلى المدينة ودعوا إلى الإسلام حتى فشا فيهم‏.‏ ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ العقبة الأولى حتى إذا كان من العام القابل قدم مكة من الأنصار اثنا عشر رجلا‏:‏ منهم خمسة من الستة الذي ذكرنا وهم من عدي وجابر بن عبد الله فإنه لم يحضرها‏.‏ وسبعة من غيرهم وهم‏:‏ معاذ بن الحرث أخو عوف بن الحرث المذكور وقيل‏:‏ إنه ابن عفراء وذكوان ابن عبد قيس بن خالدة وخالد بن مخلد بن عامر بن زريق وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهد بن ثعلبة بن صرمة بن أصرم بن عمرو بن عبادة بن عصيبة من بني حبيب والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف هؤلاء عشرة من الخزرج‏.‏ ومن الأوس‏:‏ أبو الهيثم مالك بن التيهان وهو من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحرث بن الخزرج بن عمر بن ملك بن أوس وعويم بن ساعدة من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة فبايع هؤلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة على بيعة النساء وذلك قبل أن يفرض الحرب على الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أن لا يشركوا بالله شيئاً ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا أولادهم ولا يفتروا الكذب‏.‏ فلما حان انصرافهم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ابن مكتوم ومصعب بن عمير يدعوهم إلى الإسلام ويعلم من أسلم منهم القرآن والشرائع‏.‏ فنزل بالمدينة علم أسعد بن زرارة وكان مصعب يؤمهم وأسلم على يديه خلق كثير من الأنصار‏.‏ وكان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابنا الخالة فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن الحصين إلى سعد بن زرارة وكان جارأ لبني عبد الأشهل فأنكرا عليه فهداهما الله إلى الإسلام وأسلم بإسلامهما جميع بني عبد الأشهل في يوم واحد الرجال والنساء‏.‏ ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها المسلمون رجال ونساء حاشا بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف‏:‏ بطون من الأوس وكانوا في عوالي المدينة فأسلم منهم وكان قوم سيدهم أبو قيس صيفي بن الأسلت الشاعر فوقف بهم عن الإسلام حتى كانت الخندق فأسلموا كلهم‏.‏ العقبة الثانية ثم رجع مصعب المذكور بن عمير إلى مكة وخرج معه إلى الموسم جماعة ممن أسلم من الأنصار للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في جملة قوم منهم لم يسلموا بعد‏.‏ فوافوا مكة وواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ووافوا ليلة ميعادهم إلى العقبة متسللين من رحالهم سراً عمن حضر من كفار قومهم وحضر معهم عبد الله بن حزام بن عمرو أبو جابر وأسلم تلك الليلة‏.‏ فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه ما يمنعون وحضر العباس بن عبد المطلب وكان على دين قومه بعد‏.‏ وإنما توثق للنبي صلى الله عليه وسلم وكان للبراء بن معرور في تلك الأيام المقام المحمود في الإخلاص والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من بايع‏.‏ وكانت عدة الذين بايعوا تلك الليلة ثلاثاً وسبعين رجلاً وامرأتين‏.‏ واختار منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم‏:‏ تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس‏.‏ وقال لهم‏:‏ انتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل على قومي‏.‏ فمن الخزرج من أهل العقبة الأولى أسعد بن زرارة ورافع بن مالك وعبادة بن الصامت‏.‏ ومن غيرهم سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك وثعلبة بن كعب بن الخزرج وعبد الله بن رواحة بن امرىء القيس والبراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة وعبد الله بن عمرو بن حزام أبو جابر وسعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة بن لودان بن عبد ود بن يزيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة وثلاثة من الأوس وهم أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن الأوس ورفاعة بن عبد المنذر بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس‏.‏ فدعا قوم أبو الهيثم بن التيهان مكان رفاعة هذا والله أعلم‏.‏ ونمي الخبر إلى قريش فغدت الخلة منهم على الأنصار في رحالهم فعاتبوهم فأنكروا ذلك وحلفوا لهم‏.‏ وقال عبد الله بن أبي بن سلول‏:‏ ما كان قومي ليتفقوا على مثل هذا وأنا لا أعلمه‏!‏ فانصرفوا عنه وتفرق الناس من منى وعلمت قريش الخبر فخرجوا في طلبهم‏.‏ فأدركوا سعد بن عبادة فجاءوا به إلى مكة يضربونه ويجرونه بشعره حتى نادى بجبير بن مطعم والحرث بن أمية وكان يجيرهما ببلده فخلصاه مما كان فيه‏.‏ وقد كانت قريش قبل ذلك سمعوا صائحاً يصيح ليلاً على جبل أبي قبيس‏:‏ فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف مخالف فقال أبو سفيان‏:‏ السعدان سعد بكر وسعد هذيم‏.‏ فلما كان في الليلة القابلة سمعوه يقول‏:‏ أيا سعد‏:‏ سعد الأوس كن أنت ناصراً ويا سعد سعد الخزرجي الغضارف أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا على الله في الفردوس منية عارف فإن ثواب الله للطالب الهدى جنان من الفردوس ذات رفارف فقال والله هذان‏:‏ سعد بن عبادة وسعد بن معاذ‏.‏ ولما فشا الإسلام بالمدينة وطفق أهلها يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعاقدت على أن يفتنوا المسلمين عن دينهم فأصابهم من ذلك جهد شديد‏.‏ ثم نزل قوله تعالى‏:‏ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله‏.‏ فلما تمت بيعة الأنصار على ما وصفناه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ممن هو بمكة من المسلمين بالهجرة إلى المدينة فخرجوا أرسالاً وأول من خرج أبو سلمة بن عبد الأسد ونزل في قبا ثم هاجر عامر بن ربيعة حليف بني عدي بامرأته ليلى بنت أبي خيثمة بن غانم‏.‏ ثم هاجر جميع بني جحش من بني أسد بن خزيمة ونزلوا بقبا على عكاشة بن محصن وجماعة من بني أسد حلفاء بني أمية كانت فيهم زينب بنت جحش أم المؤمنين وأختاها حمنة وأم حبيبة‏.‏ ثم هاجر عمر بن الخطاب وعباس بن أبي ربيعة في عشرين راكباً فنزلوا في العوالي في بني أمية بن زيد‏.‏ وكان يصلي لهم سالم مولى أبي حذيفة‏.‏ وجاء أبو جهل بن هشام فخادع عياش بن أبي ربيعة ورده إلى مكة فحبسوه حتى تخلص بعد حين‏.‏ ورجع وهاجر مع عمر أخوه زيد وسعيد ابن عمه زيد وصهره على بنته حفصة أم المؤمنين جحش بن حذافة السهمي وجماعة من حلفاء بني عدي نزلوا بقبا على رفاعة بن عبد المنذر من بني عوف بن عمرو‏.‏ ثم هاجر طلحة بن عبيد الله فنزل هو وصهيب بن سنان على حبيب بن أساف في بني الحرث بن الخزرج بالسلم وقيل بل نزل طلحة على أسعد بن زرارة‏.‏ ثم هاجر حمزة بن عبد المطلب ومعه زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحليفه أبو مرثد كناز بن حصن الغنوي فنزلوا في بني عمرو بن عوف بقبا على كلثوم بن الهدم ونزل جماعة من بني المطلب بن عبد مناف فيهم مسطح بن أثاثة ومعه خباب بن الأرت مولى عتبة بن غزوان في بني المسجلان بقبا‏.‏ ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع في بني الحرث بن الخزرج‏.‏ ونزل الزبير بن العوام وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى على المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح في دار بني جحجبا ونزل مصعب بن عمير على سعد بن معاذ في بني عبد الأشهل‏.‏ ونزل أبو حذيفة بن عتبة ومولاه سالم وعتبة بن غزوان المازني على عباد بن بشر من بني عبد الأشهل‏.‏ ولم يكن سالم عتيق أبي حذيفة وإنما اعتقته امرأة من الأوس كانت زوجاً لأبي حذيفة اسمها بثينة بنت معاذ فتبناه ونسب إليه‏.‏ ونزل عثمان بن عفان في بني النجار على أوس أخي حسان بن ثابت‏.‏ ولم يبق أحد من المسلمين بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما فإنهما أقاما بأمره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له في الهجرة‏.‏